بعد أقل من ثلاثة أشهر، يضرب معتز برشم بوصفه أحد أهم الرياضيين القطريين نجاحاً في التاريخ، موعداً للمشاركة في مسابقة الوثب العالي في أهم البطولات الرياضية العالمية. ويشارك معتز قصته قبل انطلاق دورة الألعاب الأولمبية الصيفية في ريو دي جانيرو من خلال فيلم جديد من سلسلة "الأحلام الأولمبية" التي تجدونها حصرياً على صفحات اللجنة الأولمبية القطرية على وسائل التواصل الاجتماعي
وينتقل ما يزيد على 10,000 رياضي من 206 دولة إل ريو دي جانيرو للمشاركة في الألعاب الأولمبية التي تجري للمرة الأولى في أمريكا الجنوبية، في الوقت الذي سيتشارك فيه ما يزيد على 4.8 مليار مشاهد مشاعرهم الصادقة وهم يراقبون اللاعبين يبذلون الحد الأقصى من قدراتهم ويظهرون أفضل ما تنطوي عليه البشرية في الروح الحقيقة التي تكتنف الأولمبياد.
ويطل من بينهم الفريق القطري الذي يعد الأكبر على الاطلاق مقارنة بكافة الفريق القطرية التي سبق لها المشاركة في الألعاب الأولمبية في لوس أنجلوس 1984. سيشارك 34 رياضياً قطرياً في ست رياضات هي ألعاب القوى والسباحة والرماية وكرة اليد والفروسية وتنس الطاولة. ومع انتهاء البعثة القطرية من التحضير للمنافسة في أهم بطولة يشاركون فيها، أطلقت اللجنة القطرية الأولمبية حملة الدعم الجماهيري #يلا_قطر عبر صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي لتشجيع قطر بأسرها على الوقوف خلف الفريق القطري والاحتفاء بأعمالهم البطولية. وستسلط سلسلة أفلام "الأحلام الأولمبية" الضوء على كل فريق وكل رياضي وتسعترض الأوقات المُشجعة والمحبطة والدوافع والأحلام التي يشعر بها الفريق القطري المشارك في أولمبياد ريو 2016.
وتُفتتح سلسلة الأفلام بالمسيرة الملهمة التي قادت معتز برشم ليتبوأ مكانه ضمن أفضل الرياضيين على مستوى العالم. حيث تخرج النجم البالغ 25 من العمر من أكاديمية التفوق الرياضي (أسباير) في الدوحة ويحمل ثاني أعلى قفزة في التاريخ بمعدل 2.43 متر أقل بسنتمترين من الرقم العالمي المسجل باسم اللاعب الكوبي خافيير سوتومايور قبل 23 عاما. وسيشارك بطل ألعاب القوى داخل الصالات في عام 2014 وحامل برونزية الألعاب الأولمبية في لندن 2012 في الألعاب الأولمبية للمرة الثانية ويعتبر أحد المرشحين لحصد اللقب الأولمبي .
"لقد استغرقت وقتاً طويلاً للتحسن ولم أكن في المستوى المأمول لفترة طويلة جداً. كنت أذهب للتمارين دون تحسن في المستوى. أعتقد أنني كنت عنيداً وصبوراً وكنت أعود باستمرار بغض النظر عما يحدث. لقد اخترت هذا لأنني أردت ممارسة الوثب العالي."
وضع معتز صبره تحت تصرف أبيه الذي كان بدوره رياضياً ناجحاً في سباق المشي وهو ما لفت انتباه ابنه إلى الألعاب الرياضية عندما كان يصطحبه للتدريب عندما كان صغيراً: "دائماً يقول لي والدي وقتك قادم-كن صبوراً وركز على ما تفعله طالما سعيت إلى تقديم أفضل ما لديك، فإنها مسألة وقت وكان على صواب. لا يمكنك أن تنال التفوق بسرعة إذا كنت تريد أن تكون متفوقاً، عليك أن تتأنى وتأخذ وقتك. القليلون من يعلمون ذلك جيداً."
استغرق اكتشاف موهبة معتز وقتاً طويلاً واختير من بين الآلاف من الرياضيين الشباب الطموحين للانضمام إلى أكاديمية أسباير المرموقة في عمر 13 سنة وهو ما شكل عاملاً مهماً بالنسبة له في نجاحه الذي حققه بعد ذلك. "تمثل الأكاديمية بيتي الثاني حيث كنا عائلة واحدة وعلمونا كل شيء وزودونا بكل شيء احتجنا إليه من التثقيف الرياضي وسيكولوجيا الرياضة والمعسكرات التدريبية والرعاية الطبية والمدربين. أعتقد بأن قدومي إلى أسباير كان خطوة كبيرة جداً في مسيرتي. نعم لقد كانت خطوة مفيدة إلى أبعد حد."
جلب الاتحاد القطري لألعاب القوى المدرب ستانيسلاف تشيتشيربا بمنصب مدرب الفريق الوطني وهو من ارتقى بمعتز إلى المستوى التالي حيث عمل على تحسين رقمه الشخصي من 2:14 م إلى 2:31 متر في سنة واحدة بين 2009 و2010. وعلى الرغم من البداية المضطربة لعلاقتهما ببعضما البعض، يجمعهما الآن رابط فريد أدى إلى شراكة ناجحة بامتياز: "إن مدربي مجنون تماماً. كنت أكرهه في السابق وأنا أحبه الآن حيث تجمعنا علاقة طيبة جداً، كعلاقة الولد بأبيه. نفهم بعضنا تماماً وأستطيع إدراك ما يريد بمجرد النظر في عينيه. توجب علينا الاندماج كشخص واحد بغية الوصول إلى التفوق."
وهذا بالضبط ما حققاه معاً، فقد حصد معتز الميدالية القطرية البرونزية الرابعة في الألعاب الأولمبية في لندن 2012 قبل موسمه المتميز في 2014 الذي شهد تدوين اسمه في سجلات الأرقام القياسية ولمع نجمه في وسائل التواصل الاجتماعي بهاشتاق #الأشياء_التي_يستطيع_معتز_القفز_فوقها ويضيف: "كانت سنة 2014 سنة عظيمة حيث عدت إلى مدربي ولسان حالي يقول "لقد دخلنا التاريخ" وكان لسان حاله يقول: "نعم هذا صحيح. تم الأمر. لا تحتاج إلى إثبات أي شيء لأي أحد بعد الآن لقد سبق لك أن فعلت ذلك."
وبطبيعة الحال، لم تخل مسيرته الرياضية من النكسات، وقد أدت إصابته بكسر إجهادي في الظهر إلى غيابه المرتقب عن الألعاب الأولمبية في لندن 2012: وأضاف برشم:"لقد تعرضت لإصابة بليغة ولم يكن بإمكاني الهرولة وكانت الألعاب الأولمبية على بعد شهر واحد فقط وكان الأمر في غاية السوء. حصلت على الموافقة للمشاركة قبل بداية الدورة بعشرة أيام فقط. لم أكن متأكداً أنني سوف أشارك في دورة الألعاب الأولمبية." وفي النهاية عنت الإصابة أن معتز تذوق التجربة الأولمبية بكل حلاوتها، "عندما دخلت أرض الملعب قلت لنفسي: إذا كان هذا هو آخر يوم في حياتي للقفز، فليكن. وسوف أتألق. بذلت أقصى جهدي وحصلت على ميدالية ولذلك أنا سعيد جداً."
إنها الروح القتالية التي رافقت معتز برشم طوال مسيرته الاحترافية وساعدته مجدداً في بداية هذا الموسم عندما تسببت إصابته بتشنج في مرحلة حرجة من المنافسة في حرمانه من استعادة لقبه في الألعاب داخل الصالات في بورتلاند في شهر مارس: "يمكن أن تصاب ويمكن أن تسير الأمور بشكل سيء وغير متوقع-هدفنا الأعظم ليس ألا نفشل أبداً ولكن أن نثابر للوصول في كل مرة نفشل فيها. بغض النظر عما سيحدث، أعمل على ضمان عودتي إلى المضمار مرة أخرى. وسوف أعمل على ذلك."
يصب معتز جل تركيزه الآن على الألعاب الأولمبية ريو 2016 ليطارد الحلم الذي راوده منذ نعومة أظفاره في تحقيق الذهب الأولمبي المبتغى. لن تكون المنافسة سهلة مع المستوى الأقوى لرياضة الوثب العالي في الوقت الحاضر بالإضافة إلى اللاعبين القادرين على نيل الذهب وتحطيم الرقم العالمي. لكن معتز متسلحاً بروح البطل الحقيقي، لا يركز على بقية الملعب: "أعتقد بأن أكبر منافس لي في ريو هو نفسي. من السهل أن تفقد التركيز جراء التفكير في أمور مختلفة تجري من حولك. أنا لا أقوم بذلك. بل أركز على نفسي وأحاول التغلب على ذاتي وأحاول التحسن في كل يوم. إذا تغلبت على نفسي، أعتقد أن ذلك كل ما سيتطلبه الأمر."
وبعد تجربته السابقة في سحر الألعاب الأولمبية، يشرح معتز برشم ما يجعل هذا الحدث الرياضي خاصاً جداً: "إن الألعاب الأولمبية هي الحدث الرياضي الأعظم على الإطلاق. فلا أهمية للدولة التي أتيت منها وما هو نوع الرياضة التي تحبها، فالكل يشجع والكل يشارك. ولا يهم أنك لم تتابع أحداثاً رياضية من قبل في حياتك على الاطلاق، لديك أمل الأمة بكاملها لدعمك وتشجيعك. إن هذا أمر عظيم وأنا أحب ذلك."
سيبدأ معتز برشم موسمه يوم الجمعة 06 مايو في الجولة الأولى من الدوري الماسي لألعاب القوى المقررة في نادي قطر الرياضي في الدوحة حيث سيخوض منافسات قوية بالفعل مع ثلاثة أبطال أولمبيين وبطلين عالمين.